حلم العودة إلى البيت

فاروق يوسف
فكرة العودة أو الرجوع فيها شيء من التفاؤل كما أنها تنطوي على شيء من الإحباط.
ا أحلى العودة إليه
“إلى أين نحن ذاهبون؟ دائما إلى البيت” ذلك ما قاله نوفاليس وهو شاعر ألماني عاش في القرن الثامن عشر. فكرة العودة أو الرجوع فيها شيء من التفاؤل كما أنها تنطوي على شيء من الإحباط.
تقول فيروز “راجعين يا هوى/ يا زهرة المساكين/ راجعين يا هوى على دار الهوى على نار الهوى راجعين.”
في الوقت نفسه يقول وديع الصافي “على الله تعود على الله/ يا ضايع في ديار الله/ من بعدك أنت يا غالي/ ما لي أحباب غير الله.” الأمل واليأس يستعرضان قوتيهما، ولكن علينا أن نصدق فريد الأطرش وهو يستدعي الطبيعة لكي تكون سندا له في فكرته المتفائلة “ادي الربيع عاد من تاني والبدر هلت أنواره/ وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب وناره.”
بعد عقود كان الأطرش قد تنقل فيها بين فاتن حمامة وميرفت أمين، تأتي المغربية سميرة سعيد لتقول “قال جاني بعد يومين/ يبكي لي بدمع العين/ يشكي من حب جديد/ يحكي وانا ناري تقيد،” أنا على يقين من أن إبن السويداء كان يتمنى لو أنه لحن تلك الأغنية.
وهو في سريرته لم يكن يتمنى أن يستمع إلى أم كلثوم وهي تغني “افرح يا قلبي جاك نصيب/ تبلغ مناك ويه الحبيب،” وإذا كان زمن الرومانسية العربية قد بدأ مع عبدالحليم حافظ فلا بد أن ننصت إلى أغنيته “فوق الشوك مشاني زماني قلي تعال نروح للحب/ بعد سنين قلي ارجع تاني هتعيش فيه مجروح القلب.”
بالنسبة إلى الكثيرين اليوم تمثل العودة إلى عبدالحليم عودة إلى الزمن الجميل يوم كان الحب ممكنا.
ولكن محمد عبدالوهاب، وكان قد لُقب بموسيقار الأجيال، سبق له أن غنى “امتى الزمان يسمح يا جميل/ واقعد معاك على شط النيل.” يحلم المصريون بالعودة إلى النيل على الرغم من أنه يحيطهم من كل جانب.
وفي ذلك يصدق قول محرم فؤاد “يا واحشني رد إعليا أزيك سلامات/ أنا أحبك قد عنيا والعمر في حبك فات،” وليست شادية استثناء في ذلك حين تقول “يا حبيبي عد لي تاني/ خلي عيني تشوف مكاني/ قالو حبي/ رد قلبي/ قال بحب الأولاني،” وشادية صوت بريء. ما معنى أن يكون هناك صوت بريء؟ ذلك ما تكشف عنه الأغنية التي تقول فيها “سونة يا سنسن جيكلتك أهو/ قبل معادنا كمان هنا هو/ جيت ومنايا أشوفك جيت/ جيت يا عنيا واستنيت.”
ولعل السؤال نوع من الرغبة في العودة إلى ما فقدناه. تقول فائزة أحمد “بتسأل ليه عليا/ تقول وحشناك عينيا/ من امتى أنت حبيبي وداري بلي بيا،” وإذا كنت بدأت بشاعر ألماني فإنني سأنهي بشاعر لبناني هو سعيد عقل الذي يقول على لسان فيروز التي بلغت هذه الأيام التسعين من عمرها “ردني إلى بلادي/ مع نسائم غواد/ مع شعاعة تغاوت/ عند شاطئ وواد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *