الحلبوسي ونوار.. قصة حب ثمنها فوج طوارئ.. كيف صار العراق قطع غيار؟

الحلبوسي ونوار.. قصة حب ثمنها فوج طوارئ.. كيف صار العراق قطع غيار؟

 

بغداد / الوقائع نيوز

 

كتب “عدنان أبوزيد” في موقع هف بوست عراقي

 

في بلدٍ يطمح الى ضبط الفوضى والمظي بخطى متعثرة نحو المستقبل، يقف العراق كصورة فريدة من نوعها لدولة تُدار بمنطق “الاقطاعية”، حيث لا قواعد ولا معايير، بل خليط عجيب من التسيس والفوضى الإدارية. وآخر ما أتحفنا به المشهد هو قضية أفراد حماية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الذين عصوا أوامر وزارة الداخلية، في مشهد يثير تساؤلات أكبر من مجرد تمرد وظيفي.

هؤلاء الأفراد، حسب مصادر مطلعة، لا ينتمون إلى مؤسسة أمنية مركزية تُعنى بحماية الوطن، بل يُدارون وكأنهم جنود في خدمة حزب أو عشيرة أو حتى شخصية بعينها. حماية الحلبوسي تحديدًا تعكس هذا الواقع بأبشع صوره، حيث تتألف من أقارب وعشائر وأعضاء في حزبه “تقدم”، مما يجعلنا أمام قوة مسلحة خاصة بواجهة حزبية.

هل يمكن تصديق أن المئات من هؤلاء الأفراد لا يحرسون سوى الحلبوسي وزوجته نوار؟ كم يكلّف هذان الشخصان الخزينة العامة؟ وما هي الرسالة التي يحملها هذا التبذير لبلدٍ يعاني من أزمات مالية وسياسية وأمنية؟.

إذا كان ما يجري مجرد “تفصيل إداري”، فالتاريخ علمنا أن تجاهل مثل هذه التجاوزات يعني السماح بولادة مليشيات وقوى موازية تهدد الدولة. في العراق، هذه الحالة ليست فريدة، بل تبدو جزءًا من منهج عام بدأ بالسماح بتغوّل الأحزاب والمجموعات المسلحة، حتى أصبحت جزءًا من النسيج السياسي والأمني. لبنان في السبعينيات وسوريا في فوضى الحرب، وحتى الأردن في أيلول الأسود، كلها أمثلة لدول دفعت ثمن التهاون أمام قوى تفلتت من السيطرة.

في المناطق الغربية، حيث يتمركز نفوذ الحلبوسي، تأخذ القضية بعدًا أكثر خطورة. تشير مصادر إلى أن الحلبوسي ربما أراد اختبار ردود الفعل على هذا التمرد، في إطار تحضير لمشاريع قد تحمل تهديدًا وجوديًا لأمن العراق، خاصة في ظل “الوضع السوري الجديد” الذي يلوح في الغموض.

ما يزيد السخرية الممزوجة بالألم، هو كيف تُدار الحمايات الأمنية للشخصيات السياسية في العراق. لماذا تُمنح أفواج طوارئ لحماية شخصيات يفترض أن تخضع لقوانين الدولة، بينما لدينا جيش وحشد وشرطة؟ لماذا لا تُترك مسألة الحمايات لقرارات مركزية تُدار وفق معايير مهنية ووطنية؟

إذا استمرت الأمور بهذه الفوضى، فإن العراق لن يكون سوى مسرح عبثي كبير، تُحكم فيه الدولة بـ”منطق الحارات السنية والشيعية والكردية”، حيث الجميع سواسية في الانتهاك، وكل طرف يدّعي ملكية قطعة من البلاد، متناسين أن الوطن لا يحتمل تقسيمه إلى قطع غيار.

 

https://2u.pw/63FOiLi3

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *